قالت منظمة العفو الدولية اليوم، في أعقاب تحقيق معمق، إن الضربات الجوية المتعمدة التي شنها الجيش الإسرائيلي على سجن إيفين في طهران في 23 يونيو/حزيران 2025 تشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني، ويجب التحقيق فيها جنائيًا باعتبارها جرائم حرب.
وتشير لقطات فيديو تم التحقق منها، وصور بالأقمار الصناعية، ومقابلات مع شهود عيان وعائلات سجناء ومدافعين عن حقوق الإنسان إلى أن الجيش الإسرائيلي نفذ غارات جوية متعددة على سجن إيفين، فتسببت بمقتل وإصابة العشرات من المدنيين، وإلحاق أضرار ودمار واسعي النطاق في ستة مواقع على الأقل في مختلف أنحاء مجمع السجن. وقد وقع الهجوم أثناء يوم عمل، في وقت كانت فيه أجزاء كثيرة من السجن مكتظة بالمدنيين. وبعد ساعات، أكد الجيش الإسرائيلي قصف السجن، وتباهى مسؤولون إسرائيليون كبار بذلك على وسائل التواصل الاجتماعي. بحسب السلطات الإيرانية، قُتل ما لا يقل عن 80 مدنيًا – 79 رجلًا وامرأة، وصبي يبلغ من العمر خمس سنوات.
بموجب القانون الدولي الإنساني، تعتبرّ السجون أو أماكن الاحتجاز أهدافًا مدنية، ولا يوجد دليل موثوق في هذه الحالة على أن سجن إيفين يشكل هدفًا عسكريًا مشروعًا.
تظهر الأدلة وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الجيش الإسرائيلي هاجم مباني مدنية بصورة صارخة ومتعمدة.
إريكا غيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات
وقالت إريكا غيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات: “تظهر الأدلة وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الجيش الإسرائيلي هاجم مباني مدنية بصورة صارخة ومتعمدة. فالقانون الدولي الإنساني يحظر بشكل صارم مهاجمة الأهداف المدنية، وتنفيذ مثل هذه الهجمات عن علم وعمد يشكل جريمة حرب”.
يُعتقد أن سجن إيفين كان يضم ما بين 1,500 و2,000 سجين وقت الهجوم، منهم من احتُجز تعسفيًا من المدافعين عن حقوق الإنسان، والمتظاهرين، والمعارضين السياسيين، وأعضاء أقليات دينية مضطهدة، والمواطنين مزدوجي الجنسية والرعايا الأجانب الذين كثيرًا ما يُحتجزون من أجل الضغط الدبلوماسي. وفي كلّ الأوقات، كان هناك أيضًا مئات المدنيين الآخرين في مجمع السجن. كما أنّ الهجوم وقع أثناء ساعات الزيارة.
وأضافت إريكا غيفارا روساس: “كان ينبغي للقوات الإسرائيلية أن تعلم أن أي غارات جوية ضد سجن إيفين قد تؤدي إلى أضرار جسيمة في صفوف المدنيين. ويجب على سلطات الادعاء في جميع أنحاء العالم ضمان تقديم جميع المسؤولين عن هذا الهجوم القاتل إلى العدالة، بما في ذلك من خلال استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية. كما يجب على السلطات الإيرانية أن تمنح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي على جميع الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي التي ارتكبت على أراضيها أو انطلاقًا منها”.


مقتل وإصابة عشرات المدنيين
بين الساعة 11 صباحًا و12 ظهرًا بتوقيت طهران من يوم 23 يونيو/حزيران 2025، ضربت غارات جوية إسرائيلية مواقع متعددة تبعد عن بعضها البعض أكثر من 500 متر داخل سجن إيفين، مما أدى إلى إلحاق أضرار أو تدمير العديد من المباني والهياكل الأخرى داخل مجمع السجن، فضلًا عن مباني سكنية قريبة خارج المجمع.
يقع سجن إيفين في منطقة مأهولة بالسكان، وهناك مبان سكنيّة من جهتي الشرق والجنوب. وصف أحد السكان القريبين المشهد الذي أعقب الهجوم لمنظمة العفو الدولية قائلًا:
“فجأة سمعت صوتًا رهيبًا. نظرت من النافذة فأدركت أن الدخان والغبار يتصاعدان من سجن إيفين. كان صوت الانفجار وظهور الغبار والدخان مروّعين… كنت أعتقد أن منزلنا سيكون آمنًا [لأننا] قريبون من السجن… لم أستطع أن أصدّق ذلك”.
أعلنت السلطات حتى الآن عن أسماء 57 مدنيًا قتلوا في الهجوم، من بينهم خمس عاملات في المجال الاجتماعي، و13 شابًا يؤدون الخدمة الوطنية الإلزامية كحراس سجن أو إداريين، و36 موظفًا آخر في السجن– 30 رجلًا وست نساء وطفل لإحدى العاملات في المجال الاجتماعي. وبعد تعرض السلطات لانتقادات عامة بسبب فشلها في الكشف عن هويات السجناء وأقاربهم والسكان القريبين الذين قُتلوا، نشرت تقريرًا في 14 يوليو/تموز 2025 كشفت فيه عن اسمين: واحد لإحدى الساكنات القريبات – مهرانجيز إيمنبور – وآخر لامرأة متطوعة لجمع الأموال للسجناء المدَيّنين اسمها هستي محمدي. وكانت منظمة العفو الدولية قد تأكدت قبل ذلك من اسم مهرانجيز إيمنبور، بالإضافة إلى أسماء أحد السجناء، مسعود بهبهاني، وإحدى قريبات سجين آخر، ليلا جعفرزاده، وأحد المارة، علي أصغر بازوكي، وجميعهم قُتلوا أيضًا.
اعترافات للمسؤولين الإسرائيليين يدينون بها أنفسهم
في غضون ساعات من الهجوم، تباهى مسؤولون إسرائيليون كبار به على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوه بأنه “ضربة موجّهة” ضد “رمز قمع للشعب الإيراني”.
قال يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، على منصّة إكس، إن القوات الإسرائيلية هاجمت “بقوة غير مسبوقة أهدافًا للنظام وأجهزة القمع الحكومية في قلب طهران، بما في ذلك… سجن إيفين”.
وبعد دقائق، نشر وزير الشؤون الخارجية جدعون ساعر على إكس: “حذرنا إيران مرارًا وتكرارًا: توقفوا عن استهداف المدنيين! لكنهم استمرّوا، بما في ذلك صباح اليوم. فجاءهم ردنا: [تحيا الحرية…]”. وجاء هذا المنشور مع مقطع فيديو يزعم إظهار لقطات صوّرتها كاميرات مراقبة أثناء تفجير بوابة السجن. لكنّ تحليلًا للفيديو أجرته منظمة العفو الدولية يشير إلى أن اللقطات تم التلاعب بها رقميًا، على الأرجح باستخدام صورة قديمة لبوابة السجن. تم نشر الفيديو لأول مرة على قنوات باللغة الفارسية على تيليجرام، لكن منظمة العفو الدولية لم تتمكن من تتبع مصدره الأصلي.
في وقت لاحق من اليوم نفسه، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان أنه نفذ “ضربة موجّهة” على “سجن إيفين سيء السمعة”. وبدا أن البيان جاء ليبرر الهجوم بالقول إن “أعداء للنظام” كانوا محتجزين وتعرضوا للتعذيب هناك، وزعم أن “عمليات استخباراتية ضد دولة إسرائيل، بما في ذلك مكافحة التجسس” كانت تُنفذ في السجن. لكنّ استجواب معتقلين متهمين بالتجسس لصالح إسرائيل أو وجود مسؤولين استخباراتيين داخل مجمع السجن لا يجعل المنشأة العقابية نفسها هدفًا عسكريًا مشروعًا بموجب القانون الدولي الإنساني.
بوابة الدخول ومكتب النيابة العامة في الجنوب
تكشف صور الأقمار الصناعية الملتقطة بالأشعة تحت الحمراء القريبة في 10 أبريل/نيسان 2025 و30 يونيو/حزيران 2025، قبل وبعد إضافة الألوان الزائفة، عن الدمار الذي لحق بأربعة مواقع مختلفة في الأجزاء الجنوبية والوسطى من سجن إيفين، في الأماكن المرجحة لسقوط الذخائر (كما هو موضح بدوائر صفراء)، وكذلك علامات الحرق (المرئية بالأشعة تحت الحمراء القريبة بدرجات اللون الأسود الداكن) في العديد من الأمكنة، ويُرجح أن تكون ناجمة عن مركبات اشتعلت فيها النيران وانتشرت إلى مباني في المكان.
وفي جنوب السجن، تم تدمير البوابة الرئيسية والسور المجاور لها، وكذلك مبنى الاستعلامات الخاص بالزوار شرقي البوابة. كما تعرض المبنى الواقع إلى الغرب من البوابة ومكتب النيابة العامة شهيد مقدس المجاور له، لأضرار بالغة. وفي مكان أبعد داخل الجزء الجنوبي من السجن، تضررت مواقف السيارات ومبنى مجاور لقسم الحجر الصحي.
وقال مصدر مطلع لمنظمة العفو الدولية إن امرأة تدعى ليلا جعفرزاده، تبلغ من العمر 35 عامًا، قُتلت أثناء زيارتها لمكتب النيابة العامة لدفع كفالة لتأمين إطلاق سراح زوجها المسجون.
وقد تم تصوير تدمير بوابة المدخل ومحيطها في مقطع فيديو تم التحقق منه يُظهر عمال الإنقاذ وهم يحملون شخصًا مصابًا واحدًا على الأقل على نقالة وسط مشاهد الدمار وكمية الركام الكبيرة على الأرض.
وتُظهر لقطات نشرتها وسائل إعلام رسمية وتحققت منها منظمة العفو الدولية أيضًا أضرارًا هيكلية في جدران مكتب النيابة العامة وإطار المبنى، مما يشير إلى أن قوة الانفجار اخترقت المبنى في عمقه.

المبنى الإداري وقسم الحجر الصحي الذي يأوي سجناء
في عمق المنطقة الجنوبية من السجن، تعرّض المبنى الإداري ومبنًى بجواره أصغر حجمًا، كان وفقًا لأحد السجناء السابقين يحتوي على مكتب لقوة أمن السجن المعروفة باسم مجموعة الحماية، إلى أضرار كبيرة، في حين تم تدمير العديد من الهياكل القريبة.
تظهر صور الأقمار الصناعية بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2025 أضرارًا كبيرة في جزء من السقف على الجانب الغربي من مبنى مجموعة الحماية. كما تُظهر تدمير بوابة داخلية وجدار محيطي ومبنيين صغيرين – من المرجح أن يكونا مركزي حراسة – شرق المبنى في الضربة.
يتوافق الموقعان اللذان تم تحديدهما مع تحليل لقطات الفيديو والمعلومات الواردة من اثنين من سجناء الرأي السابقين آتنا دائمي وحسين رزاق.
كما تظهر مقاطع فيديو تم التحقق منها نوافذ مدمّرة وجدران منهارة وأنقاض واسعة النطاق على الجانبين الغربي والشرقي للمبنى الإداري. ويبدو أن الطابق الأول قد تعرض للتدمير إلى حد كبير، مع وجود جدران هيكلية مفقودة مرئية في أقسام متعددة.
وتُظهر صورة نشرتها وسائل إعلام رسمية وتحققت منها منظمة العفو الدولية ما يبدو أنه حفرة داخل الجانب الغربي من المبنى الإداري حيث انهار الطابق الأول إلى الأسفل.
وبحسب تقرير لوسائل إعلام رسمية نُشر في 6 يوليو/تموز 2025، قُتل ما لا يقل عن تسع نساء ورجل وطفل في المبنى الإداري. وقد ذكرت صحيفتا شرق ديلي وهم ميهن البارزتان في إيران أسماء ثلاثة من الضحايا في تقارير نُشرت في 25 يونيو/حزيران و1 يوليو/تموز 2025 على التوالي. ومن بينهم العاملة الاجتماعية زهرا عبادي، البالغة من العمر 52 عامًا، والتي قتلت مع ابنها البالغ من العمر خمس سنوات مهراد خيري؛ وشخص من الطاقم الإداري يُدعى حميد رنجبري، ويبلغ 40 عامًا.

كما يظهر تحليل لقطات فيديو تم التحقق منها أن قسم الحجر الصحي الذي يضم السجناء الجدد، والذي يقع بالقرب من المبنى الإداري، قد تعرض أيضًا لأضرار.
العيادة الطبية والمطبخ والأقسام التي تؤوي السجناء في الجزء المركزي
في الجزء الأوسط من السجن، لحقت أضرار جسيمة بالعيادة الطبية، والمطبخ المركزي، والقسم 4 الذي يأوي سجناء رجال، والقسم 209 الذي يتألف من زنزانات الحبس الانفرادي، حيث يحتجز وزير الاستخبارات السجناء الرجال والنساء، بالإضافة إلى قسم النساء.
وتظهر صور الأقمار الصناعية أضرارًا كبيرة في المباني المجاورة للعيادة الطبية، في حين تكشف مقاطع فيديو تم التحقق منها عن أضرار لحقت بالعيادة نتيجة الانفجار والسيارات المحترقة.
كما يظهر مقطع فيديو تم التحقق منه الجزء الخارجي من العيادة الطبية مغطى بالسخام الأسود والدخان الأسود يتصاعد من النوافذ. ويظهر مقطع آخر دمارًا هائلًا في الداخل، حيث تحطمت النوافذ، وانقلبت الأسرة والمعدات الطبية، وتناثرت الأنقاض على نطاق واسع.

وتدعم أدلّة الفيديو التي تم التحقق منها روايات المدافعين عن حقوق الإنسان نرجس محمدي وسبيده قليان، وكلاهما تقيمان في إيران، اللتين أخبرتا منظمة العفو الدولية بأن العديد من الشهود في سجن إيفين وصفوا لهما الأضرار الجسيمة التي لحقت بالعيادة الطبية. وقالت نرجس محمدي إن سجناء ذكور في القسم 4، الذي يقع مقابل العيادة الطبية، أبلغوها أن سيارة الإسعاف التابعة للسجن دمرت، وهي رواية يدعمها مقطع فيديو يظهر مركبات قريبة تحولت إلى حطام. وأضافت أن السجناء أخبروها أيضًا أنهم شاهدوا شخصًا مصابًا بحروق كبيرة في جسده يخرج من العيادة الطبية وينهار على الأرض.
وكتب السجينان أبو الفضل قدياني ومهدي محموديان – اللذان نجيا إثر هجوم سجن إيفين ونُقلا إلى سجن طهران الكبير في رسالة من داخل السجن نُشرت على الانترنت يوم 1 يوليو/تموز 2025:
“اهتز سجن إيفين على وقع عدة انفجارات متتالية. وقع انفجاران أو ثلاثة بالقرب من القسم 4، وعندما خرج السجناء من باب القسم، رأوا العيادة الطبية تحترق… انتشل السجناء جثث حوالي 15-20 شخصًا، بما في ذلك موظفون في العيادة الطبية وسجناء وموظفون في المستودع وحراس وعملاء من تحت الأنقاض”.
ووصفت سعيدة مكارم، طبيبة متطوعة في سجن إيفين أصيبت بجروح، بما في ذلك حروق، في سلسلة من المنشورات على إنستغرام في يوليو/تموز 2025 كيف ساعدها السجناء:
“سحبوني إلى زاوية الجدار، وأنا نصف واعية. ثم أحضروا لي الماء وبطانية، ووضعوا جبيرة على ساقي، ومسحوا الدم عن وجهي… كان بإمكانهم المغادرة، لكنهم لم يفعلوا ذلك… لقد أنقذوني”.
وقال المعارض السياسي حسين رزاق كذلك لمنظمة العفو الدولية إن سجناء القسم 4 وصفوا له كيف رُمي السجناء على الجدران بسبب قوة الانفجار، فأصيبوا بجروح في الرأس والوجه.
هذه الروايات متناسقة مع مقطع فيديو تم التحقق منه يظهر أضرارًا واسعة النطاق في الأجزاء الأمامية من القسمين 4 و209. فتظهر الأبواب والنوافذ الخارجية للقسمين 4 و209 محطمة، مع انهيار أجزاء من هيكل السقف، وظهور أكوام كبيرة من الأنقاض في الطريق. كما تظهر العديد من المركبات مدمرة ومحترقة، مع وجود أضرار ناجمة عن الدخان الأسود على الجدران في المبنى القريب، مما يشير إلى أن بعض الحرائق ربما نشأت من السيارات. وتظهر صور الأقمار الصناعية بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2025 المباني المحترقة وآثار الحروق السوداء الناجمة عن السيارات. ويبدو أيضًا أن الانفجار أثر على سقف مطبخ السجن وألحق أضرارًا بنوافذه.
بحسب بحث أجرته منظمة العفو الدولية، فقد أثر الانفجار أيضًا على مكاتب الموظفين في القسم 209، مما أدى إلى محاصرة بعض العملاء والحراس تحت الأنقاض. ولم تقدم السلطات أي معلومات بشأن مصير ومكان وجود السجناء المحتجزين في الحبس الانفرادي في القسم 209، مما أثار مخاوف بشأن احتمال وقوع وفيات أو إصابات.

أكدت منظمة العفو الدولية من خلال مصدر مطلع اسم أحد السجناء القتلى في القسم 4، وهو مسعود بهبهاني، البالغ من العمر 71 عامًا، الذي أصيب بنوبة قلبية عندما ألقاه الانفجار على كرسي، وسقط عليه عدد من السجناء. وأفاد المصدر أن السلطات نقلته إلى سجن طهران الكبير بدلًا من نقله إلى المستشفى، حيث توفي بعد يومين إثر إصابته بنوبة قلبية ثانية.
كما قامت منظمة العفو الدولية بتحليل صورة التقطت من داخل قسم النساء تظهر أضرارًا واضحة في السقف والبنية التحتية الكهربائية.
بوابة الدخول، والمجمع القضائي، ومبنى الزيارات، وأقسام إيواء السجناء في الشمال
تكشف صور الأقمار الصناعية الملتقطة بالأشعة تحت الحمراء القريبة في 10 أبريل/نيسان 2025 و27 يونيو/حزيران 2025، قبل وبعد إضافة الألوان الزائفة، عن الدمار في موقعين مختلفين من المرجح أن تكون الذخائر قد سقطت فيهما في الجزء الشمالي من سجن إيفين (موضحين بدوائر صفراء): الجدران الأمنية الداخلية والطريق أمام القسمين 240 و241 وبوابة المدخل الشمالي أمام مبنى الزيارات ومجمع شهيد كتشوئي القضائي.
في الجزء الشمالي من السجن، كما يظهر في صور بالأقمار الصناعية ومقاطع فيديو تم التحقق منها، تم تدمير بوابة الدخول والجدار المجاور لها؛ وتعرض الجزء الأمامي من المبنى الذي يحتوي على مجمع شهيد كتشوئي القضائي ومبنى الزيارات لأضرار بالغة؛ وتم تدمير جدارين داخليين بالقرب من القسمين 240 و241 اللذين يأويان السجناء.
وتظهر مقاطع فيديو تم التحقق منها وصور أيضًا أضرارًا ناجمة عن الانفجار في المباني السكنية الشاهقة والمركبات القريبة خارج المنطقة الشمالية من سجن إيفين. يُصوّر أحد مقاطع الفيديو عشرات الأشخاص المنكوبين في شارع أحمدبور، ويبدو أن واحدًا منهم على الأقل مصاب.
ووصف مصدر مطلع لمنظمة العفو الدولية كيف قُتلت إحدى المقيمات القريبات، مهرانجيز إيمنبور، وهي رسامة تبلغ من العمر 61 عامًا وتعيش في شارع أحمدبور، أثناء عودتها إلى منزلها.
وذكرت صحيفة شرق ديلي أن أحد المارة الآخرين، يُدعى علي أصغر بازوكي وعمره 69 عامًا، قُتل أمام المجمع القضائي ومبنى الزيارات.
ونشرت وسائل إعلام رسمية مقاطع فيديو وصور تظهر الأضرار الناجمة عن الانفجار في هذه المنطقة.

تشير صور الأقمار الصناعية التي حللتها منظمة العفو الدولية إلى أن طريقًا وجدارين أمنيين في عمق الجزء الشمالي من السجن، بالقرب من مبنى يحتوي على القسمين 240 و241، قد تعرضوا للتدمير أيضًا. وتُعرف هذه الأقسام بأنها تحتوي على المئات من زنزانات الحبس الانفرادي، لكن لم تظهر أي صور توضح حالة المبنى، ولم تنشر السلطات أي معلومات حول مصير السجناء المحتجزين هناك.
وتلقت منظمة العفو الدولية روايات من عائلات سجناء تشير إلى أن القسم 8، القريب من القسمين 240 و241، قد تعرض لأضرار. وقالت محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده لمنظمة العفو الدولية إن زوجها المسجون تعسفيًا، المدافع عن حقوق الإنسان رضا خندان، وسجناء آخرين، تعرّضوا لإصابات عندما سقطت الأنقاض في الفناء.
واتصل المعارض السياسي محمد نوريزاد، الذي كان في القسم 8، بعائلته أثناء استمرار الضربات الجوية. في 24 يونيو/حزيران، نُشر على الانترنت تسجيل لمكالمته:
“إنهم يسقطون القنابل علينا. أصيب بعض الأشخاص، وتحطمت النوافذ، وتشتت الجميع… لقد ضربوا للتوّ مرة أخرى. لا أعلم، يبدو الأمر متعمدًا… لكن قصف سجن لا يتوافق مع أي منطق أو قواعد سلوك… لقد أغلقت [سلطات السجن] الأبواب أمامنا وليس لدينا أي أخبار”.
القانون الدولي والمعايير الدولية
بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن الهجمات المباشرة على المدنيين والأعيان المدنية محظورة، حيث لا يجوز توجيه الهجمات إلا إلى المقاتلين والأهداف العسكرية. وتقتصر الأهداف العسكرية على تلك الأهداف التي تساهم بطبيعتها، أو موقعها، أو غرضها، أو استخدامها في العمل العسكري بشكل فعال، والتي يوفر تدميرها الجزئي أو الكلي، أو الاستيلاء عليها، أو تحييدها، في الظروف السائدة في ذلك الوقت، ميزة عسكرية أكيدة.
ويقع على عاتق القوات المهاجمة التزام ببذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين، بما في ذلك التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية؛ والتحقق مما إذا كان هدفها المقصود هو هدف عسكري وإلغاء الهجوم إذا كان هناك شك؛ واختيار الوسائل والأساليب الهجومية التي من شأنها تجنب أو تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين في جميع الأحوال؛ وتوفير تحذيرات مسبقة فعالة للمدنيين إلا إذا كانت الظروف لا تسمح بذلك. وحتى عند استهداف هدف عسكري مشروع، لا يجوز تنفيذ هجوم قد يسبب ضررًا مدنيًا غير متناسب مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. وإذا لم يكن التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية ممكنًا، فلا يجوز شن الهجوم.
ويجب على الدول المسؤولة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني أن تقدم تعويضات كاملة عن الخسائر أو الإصابات التي تتسبب بها. تكرّس المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي واجب الدول في توفير سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك جبر الضرر للضحايا، بما يضمّ الرد والتعويض وإعادة التأهيل والترضية وضمانات عدم التكرار.
المنهجية
قام مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية بتحليل صور الأقمار الصناعية قبل وبعد الضربات، وتحقق من 22 مقطع فيديو و59 صورة فوتوغرافية، تظهر مدى الأضرار والدمار الواسع الذي لحق بست مناطق في الأجزاء الجنوبية والوسطى والشمالية من مجمع سجن إيفين.
بالإضافة إلى ذلك، راجعت المنظمة تصريحات السلطات الإسرائيلية والإيرانية، وأجرت مقابلات مع 23 شخصًا داخل إيران وخارجها، بما في ذلك سبعة من أقارب السجناء؛ وأحد السكان القريبين الذين شهدوا الهجوم؛ ومصدران لديهما معلومات عن ضحيتين قُتلتا؛ وصحفيان؛ و11 سجينًا سابقًا، بمن فيهم معارضون ومدافعون عن حقوق الإنسان تلقوا معلومات من سجناء وعائلات سجناء وموظفين في السجن وخدمات الطوارئ التي حضرت إلى الموقع. كما حصلت المنظمة أيضا من مصدر على تسجيلات لأربع مكالمات هاتفية بين أربعة سجناء وعائلاتهم بعد ساعات من الهجوم.
وأرسلت المنظمة أسئلة بشأن الهجوم إلى وزير الدفاع الإسرائيلي في 3 يوليو/تموز، لكنها لم تتلق ردًا حتى وقت نشر التقرير.
خلفية
خلال تصعيد الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران، قُتل ما لا يقل عن 1100 شخص في إيران، بما في ذلك 132 امرأة و45 طفلًا، وفقًا لمؤسسة شؤون الشهداء والمحاربين القدامى الإيرانية. كما قُتل 29 شخصًا على الأقل، بينهم نساء وأطفال، في إسرائيل، بحسب وزارة الصحة الإسرائيلية.
وفي إطار التحقيقات المستمرّة التي تجريها منظمة العفو الدولية في انتهاكات القانون الدولي الإنساني وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في سياق تصعيد الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران، ستنشر المنظمة أيضًا النتائج المتعلقة بالهجمات التي شنتها السلطات الإيرانية ضد إسرائيل.