قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على السلطات المصرية أن تضع حدًا للأعمال الانتقامية الموجهة ضد سجناء في سجن العاشر من رمضان، حيث بدأوا إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على احتجازهم التعسفي وللمطالبة بإنهاء ظروف احتجازهم القاسية واللاإنسانية.
منذ بداية يناير/كانون الثاني، بدأ عددٌ من المحتجزين في سجن العاشر من رمضان (6) إضرابًا عن الطعام مطالبين بالإفراج عن الأفراد المحبوسين احتياطيًا لأكثر من ستة أشهر، والحق في التريّض في الهواء الطلق، والتمتع بحقوق الزيارة كاملةً، وإقالة ضابط الأمن الوطني المسؤول عن السجن والمعروف بقمعه وانتهاكاته. وفي أعقاب ذلك، نقلت مصلحة السجون ثلاثة سجناء على الأقل من سجن العاشر من رمضان (6) لسجون أخرى سيئة السمعة بسبب ظروف الاحتجاز القاسية فيها، بعدما صادرت متعلقاتهم الشخصية كعقاب لهم.
وقال محمود شلبي، الباحث المعني بالشؤون المصرية في منظمة العفو الدولية: “بدلًا من معالجة ظروف الاحتجاز المروّعة في سجن العاشر من رمضان، تعاقب السلطات السجناء المحتجين على أوضاعهم في محاولةٍ لإخماد أصواتهم. وحتى عند احتجاز السجناء في سجون حديثة البناء مثل سجن العاشر من رمضان، تستمر معاناتهم على أيدي سلطات السجون الذين يعملون دون رقابة كافية أو مساءلة”.
“بدلًا من معالجة ظروف الاحتجاز المروّعة في سجن العاشر من رمضان، تعاقب السلطات السجناء المحتجين على أوضاعهم في محاولةٍ لإخماد أصواتهم” – محمود شلبي، الباحث المعني بالشؤون المصرية
“على السلطات المصرية ضمان أن تكون ظروف الاحتجاز إنسانية ومتوافقة مع القانون الدولي والمعايير الدولية، بما في ذلك ‘قواعد نيلسون مانديلا’. كما يجب عليها الاستجابة لدعوات منظمة العفو الدولية والمدافعون المصريون عن حقوق الإنسان التي طال أمدها، بالسماح للمراقبين المستقلين، المصريين والدوليين، بإجراء زيارات غير مقيدة ودون إخطار مسبق للسجون لمراقبة ظروف الاحتجاز في البلاد”.
وأبلغت سيدتان من أفراد عائلات المحتجزين منظّمة العفو الدوليّة أن السلطات نقلت أقربائهم إلى سجون نائية تبعد مئات الكيلومترات عن عائلاتهم. ويُعد النقل إلى سجون نائية، أو ما يعرف بـ”التغريبة” (النفي الداخلي)، ممارسة عقابية شائعة تستخدمها السلطات لتعاقب السجناء وتجعل زيارتهم أكثر كلفةً ومشقةً على عائلاتهم.
قالت إحدى قريبات المحتجزين لمنظّمة العفو الدوليّة: “عندما نقلوه من زنزانته في سجن العاشر من رمضان (6)، اعتقد أنهم أخيرًا نقلوه إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية مؤجلة منذ وقتٍ طويل. ولكن بدلًا من ذلك تبيّن أنهم كانوا ينقلونه إلى سجن آخر”. وقالت إنه عوقب لمجرد محاولته إرسال رسالة إلى الحزب السياسي الذي ينتمي إليه، يحثهم فيها على الدعوة إلى الإفراج عنه.
وفي 29 يناير/كانون الثاني، بدأ المعتقل الثالث إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على نقله. وقال محاميه لمنظمة العفو الدولية إنه عند نقله، وُضع في زنزانة مكتظة، حيث يُجبر المعتقلون على النوم في نوبات. وفي 18 فبراير/شباط، لم تحضره السلطات إلى جلسة تجديد الحبس الاحتياطي، لكن القضاة جددوا حبسه غيابيًا دون إبداء أي مبرر. وفي الأول من مارس/آذار، نشرت زوجته على فيسبوك أنه أنهى إضرابه عن الطعام ولا يزال في مستشفى السجن.
ظروف احتجاز وحشية
أفاد ثلاثة محامين وثلاثة من أقارب محتجزين في سجن العاشر من رمضان (6) لمنظمة العفو الدولية بأن جميع السجناء داخل عنابرهم محرومون من ضوء الشمس، حيث لا يُسمح لهم بالتريّض اليومي في الهواء الطلق كما تنص “قواعد نيلسون مانديلا”. وقالت ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير المحتجز تعسفيًا أشرف عمر، إن زوجها لم يرَ ضوء الشمس منذ سبعة أشهر. وبحسب ندى وقريبتا السجينين الآخريْن اللذَين نُقلا، يقضي المحتجزون 23 ساعة يوميًا داخل زنازينهم، إذ لا يُسمح لهم سوى بساعة واحدة من التريض في ممر داخل مبنى الاحتجاز. ووفقًا للوائح الداخلية للسجون في مصر، يحق للمحتجزين احتياطيًا ساعتان من التريض يوميًا خارج زنازينهم.
وفي 3 فبراير/شباط، أبلغ الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، المحتجز أيضًا في سجن العاشر من رمضان لأسباب سياسة، النيابة العامة بأنه بعدما اشتكى لمسؤولي السجن من عدم السماح له في التريّض تحت أشعة الشمس، نُقل هو ومحتجزيْن اثنين آخرين إلى عنبر خالٍ ومعزول، وذلك بحسب أحد أفراد عائلته. كما قال إن ضابط شرطة هدّده بالنقل إلى سجن سوهاج، والذي يبعد حوالي 500 كيلومترًا عن القاهرة حيث تقيم عائلته.
وأفادت ندى واثنتان من أقارب المحتجزيْن الآخريْن لمنظمة العفو الدولية بأن زيارات العائلات في السجن تقتصر على 20 إلى 30 دقيقة مرة واحدة شهريًا، إلا في حالات الزيارات الاستثنائية. ويشكل ذلك انتهاكًا للوائح السجون، والتي تنص على السماح للمحتجزين احتياطيًا بزيارة أسبوعية لمدة ساعة، وللسجناء المحكوم عليهم بزيارتين شهريًا. كما يُحرم بعض المحتجزين من الزيارات العائلية تمامًا. فعلى سبيل المثال، لم يتلق أنس البلتاجي، والمحتجز تعسفيًا منذ 11 عامًا على خلفية انتماءات عائلته السياسية، أي زيارة منذ نقله إلى سجن العاشر من رمضان (2) في يونيو/حزيران 2023.
كما أفادت ندى واثنتان من أقارب المحتجزين بتعرضهن المتكرر لعمليات تفتيش جسدي مهينة على يد الحارسات. وذكرن أن الحارسات يفتشن النساء مرتين قبل دخول قاعة الزيارة، ويتضمن التفتيش إدخال أيديهن داخل ملابسهن ولمس حمالات الصدر.
كما أفدن بأن حراس السجن يفتشون الطعام الذي تحضره العائلات بأيديهم دون قفازات وبطريقة غير صحية. ويُعدّ الطعام الذي تحضره العائلات مصدر التغذية الأساسي للمحتجزين نظرًا لرداءة جودة الطعام الذي يقدمه السجن أو عدم كفايته.
خلفية
بدأ تشغيل سجن العاشر من رمضان في 2023 وسط حملة إعلامية حكومية تروّج له باعتباره خطوة نحو تحسين ظروف الاحتجاز.
وفي 12 يناير/كانون الثاني، نشرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانًا بشأن تدهور أوضاع الاحتجاز في سجن العاشر من رمضان (6). وفي أعقاب هذا البيان، في 19 يناير/كانون الثاني، فتحت النيابة العامة تحقيقًا مع حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة والمدافع البارز عن حقوق الإنسان، بتهم تتعلق بـ “بإذاعة بيانات وأخبار كاذبة”، و”مشاركة جماعة إرهابية وتمويلها”.
استنادًا إلى بحث أجرته منظمة العفو الدولية حول الوضع في 16 سجنًا في مختلف أنحاء مصر، وجدت المنظمة أن مسؤولي السجون في مصر يُخضعون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين لأسباب سياسية للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من خلال ظروف احتجازهم، كما يتعمدون حرمانهم من الرعاية الصحية عقابًا لهم على معارضتهم.