الجزائر: على الحكومة وقف حملة القمع والتقويض المتواصل لحقوق الإنسان والإفراج فورًا عن الصحفيين المحتجزين

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على الحكومة الجزائرية أن تضع حدًا لاعتداءاتها التي لا هوادة فيها على حرية التعبير والنشاط السلمي، إبان إطلاقها حملة جديدة لتسليط الضوء على تأثير حملة القمع التي تشنها السلطات على الأصوات المعارضة الشجاعة.

ويقبع حاليًا عشرات النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلف القضبان، ويتزايد العدد مع قيام الحكومة بمزيد من الاعتقالات وتوجيه المزيد من التهم ضد الأشخاص الذين يمارسون ببساطة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

ويخضع سجل الجزائر المتردي في مجال حقوق الإنسان لتدقيق دولي نادر في ظل زيارة حالية يقوم بها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات إلى البلاد.

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “في الجزائر اليوم، لا أحد يتحدث بشجاعة وانتقاد في مأمن من براثن السلطات القمعية، وأي شخص يُعتبر تهديدًا – من الطلاب لكبار السن  يجد نفسه يواجه المضايقة والترهيب أو الاعتقال التعسفي لمجرد ممارسته لحقوقه الإنسانية”.

“يجب أن تتوقف حملة القمع التي تشنها الحكومة فورًا، ويجب الإفراج فورًا ودون قيد أو شرط عن جميع الذين قبض عليهم لمجرد تعبيرهم السلمي عن آرائهم أو انتقادهم للحكومة، بمن فيهم الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام الذين أدينوا بارتكاب جرائم غامضة وفضفاضة، مثل “نشر معلومات كاذبة ” أو “الإساءة إلى موظفين عموميين”.

“كما يتعين على السلطات الجزائرية أن تعمل بشكل بنّاء مع المقرر الخاص أثناء زيارته للبلاد، بما يضمن وصوله الكامل وغير المقيد وقدرته على إجراء اتصالات سرية وغير خاضعة للإشراف مع أي شخص يرغب في مقابلته. ويجب على السلطات أيضًا أن تضمن عدم تعرض أي فرد يتعامل مع المقرر الخاص لأعمال انتقامية”.

اعتقال صحفيين

على مدى العامين الماضيين، حاكمت السلطات الجزائرية أو اعتقلت أو احتجزت ما لا يقل عن 12 صحفيًا وعاملًا في وسائل الإعلام.

وحتى الآن في عام 2023، حاكمت السلطات خمسة صحفيين، وأغلقت شركتين إعلاميتين على الأقل، وأوقفت وسيلة إعلامية واحدة لمدة 20 يومًا.

وفي الآونة الأخيرة، في 29 أوت/آب، حكمت محكمة قسنطينة الابتدائية على الصحفي الجزائري مصطفى بن جامع والباحث الجزائري الكندي رؤوف فرح بالسجن لمدة عامين وحكمت على كل منهما بغرامة قدرها 200,000 دينار. وقد حُكم عليهما بناءً على تهم لا أساس لها من الصحة بـ “نشر معلومات ووثائق مصنفة” و”تلقي أموال من مؤسسات خارج الوطن وداخله”.

وفي جوان/حزيران 2023، رفعت محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة عقوبة السجن بحق الصحفي البارز إحسان القاضي من خمس سنوات إلى سبع سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ. وهو محتجز في سجن الحراش في الجزائر العاصمة منذ ديسمبر/كانون الأول 2022 بتهم تتعلق بعمله الصحفي.

في الجزائر اليوم، لا أحد يتحدث بشجاعة وانتقاد في مأمن من براثن السلطات القمعية

هبة مرايف، منظمة العفو الدولية

الاعتداءات على حرية التجمع

على الرغم من قمع الاحتجاجات التي اندلعت في عام 2019، تواصل السلطات استخدام القوانين الضارة لتقييد الحق في التجمع السلمي، بما في ذلك المادة 15 من قانون رقم 91-19 المتعلق بالجمعيات، التي تنص على أن “التجمعات العامة تحتاج إلى موافقة مسبقة”.

وفي 20 أوت، اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 40 ناشطًا لمنع تجمع في إفري، وهي قرية تقع شرق الجزائر، لإحياء ذكرى مؤتمر الصومام عام 1956. وقد أطلق سراحهم في وقت لاحق من ذلك اليوم، ولكن اتخاذ تدابير لمنع التجمع يتعارض تمامًا مع حماية الحق في التجمع السلمي.

كما استهدفت الحكومة مرارًا محمد تجاديت، الذي عُرف خلال حركة الحراك الاحتجاجية باسم “شاعر الحراك”، واعتقلته أربع مرات على الأقل بسبب مشاركته في الاحتجاجات السلمية وممارسته حقه في حرية التعبير. وأبلغ محمد منظمة العفو الدولية أن سلطات السجن عرضته لسوء المعاملة خلال اعتقالاته المتعددة. وأضاف أنه عندما أضرب هو واثنان من زملائه المحتجزين عن الطعام في فيفري/شباط 2022 للمطالبة إما بالإفراج عنهم أو بدء محاكمتهم، ردت سلطات السجن بركلهم وصفعهم وضربهم.

الاعتداءات على حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

كما استخدمت تهم الإرهاب التي لا أساس لها لاستهداف العديد من النشطاء فيما يتعلق بنشاطهم، أو التعبير عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو لكونهم أعضاء في جماعات ينظر إليها على أنها معارضة، بما في ذلك محاد قاسمي وسليمان بوحفص ومحمد بن حليمة وأجبرت إحدى منظمات حقوق الإنسان، جمعية “تجمع – عمل – شبيبة” (المعروفة بالمُسمى الفرنسي Rassemblement Actions Jeunesse أو راج على حل نفسها، واضطر حزب سياسي، هو الحركة الديمقراطية والاجتماعية، إلى تعليق أنشطته.

كما قادت السلطات الجزائرية هجومًا استهدف أقدم منظمة مستقلة لحقوق الإنسان في البلاد، وهي الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي جانفي/كانون الثاني، أغلقت السلطات المنظمة التابعة للرابطة في تيزي وزو، ومنعت الوصول إلى مركزها في بجاية، وحُلّت المنظمة بعد شكوى قدمتها وزارة الداخلية في جوان/حزيران 2022.

واختتمت هبة مرايف حديثها بالقول: “إنَّ زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة هي فرصة للسلطات الجزائرية للتواصل مع الأمم المتحدة وتغيير المسار لتعزيز حمايتها لحقوق الإنسان”.