قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات اللبنانية أن تكف فورًا عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرًا إلى سوريا، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم.
ففي الأسبوع الماضي، داهم الجيش اللبناني المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك برج حمود في بيروت، ورحَّل إلى سوريا عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية.
وقال محمد، شقيق أحد اللاجئين الذين رحّلهم الجيش اللبناني، لمنظمة العفو الدولية إنه تمكن من الاتصال بشقيقه، الذي أبلغه بأنَّ الجيش اللبناني اقتاد اللاجئين مباشرة إلى الحدود وسلّمهم إلى الجيش السوري. وقال إنَّ العديد منهم مُسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “من المقلق للغاية أن نرى الجيش يقرر مصير اللاجئين، من دون احترام الإجراءات القانونية الواجبة أو السماح لأولئك الذين يواجهون الترحيل بالطعن في ترحيلهم أمام المحكمة أو طلب الحماية. ولا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر”.
“إنَّ لبنان مُلزم بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي الإنساني العُرفي بعدم إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر التعذيب أو الاضطهاد. وبدلًا من العيش في خوف بعد الفرار من الفظائع في سوريا، ينبغي حماية اللاجئين الذين يعيشون في لبنان من المداهمات التعسفية وعمليات الترحيل غير القانونية”.
ووفقًا لشقيق محمد، سيعرف أكثر من 100 لاجئ، محتجزين على الجانب السوري من الحدود منذ يوم الأربعاء، مصيرهم غدًا. وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية وغيرها من جماعات حقوق الإنسان كيف واجه اللاجئون الذين عادوا إلى سوريا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري، على أيدي الحكومة السورية.
وأبلغ محمد منظمة العفو الدولية أنَّ شقيقه مطلوب من قبل الحكومة السورية لتهربه من الخدمة العسكرية. وقد اقتاده الجيش اللبناني هو وزوجته وابنته مباشرة من منزلهم في برج حمود إلى الحدود السورية. وعلى الرغم من تسجيله لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال محمد إنَّ شقيقه لم يُمنح الحق في الطعن في أمر ترحيله. وأضاف أيضًا إنه جرى إبلاغ المفوضية.
وقال محمد إنَّ موجة الترحيل الأخيرة جعلته وعائلته يعيشون في خوف ويتجنبون مغادرة المنزل.
لا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر
آية مجذوب، منظمة العفو الدولية
وختمت آية مجذوب حديثها بالقول: “في حين لا يوجد عذر لانتهاك لبنان لالتزاماته القانونية، ينبغي على المجتمع الدولي زيادة مساعداته، ولا سيما برامج إعادة التوطين والمسارات البديلة، لمساعدة لبنان على التعامل مع وجود ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ في البلاد”.
مبدأ عدم الإعادة القسرية هو قاعدة عُرفية مُلزمة في القانون الدولي تحظر على الدول إعادة الأشخاص إلى مكان قد يتعرضون فيه لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ويجب منح أي شخص مُعرّض لخطر الترحيل فرصة للوصول إلى المشورة القانونية، ومقابلة ممثلي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والطعن في ترحيله أمام المحكمة.
خلفية
في 2019، أصدر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، وهو الهيئة المسؤولة عن تنفيذ استراتيجية الدفاع الوطني اللبنانية، تعليمات للأجهزة الأمنية بترحيل السوريين الذين يدخلون لبنان عبر المعابر الحدودية غير الشرعية. وفي رسالة إلى منظمة العفو الدولية في ديسمبر/كانون الأول 2020، أكدت مديرية الأمن العام أنَّ السلطات رحَّلت 6002 سوري منذ مايو/أيار 2019، بما في ذلك 863 في 2020، فيما توقفت عمليات الترحيل جزئيًا في 2020 بسبب وباء فيروس كوفيد-19.
في تقرير صدر في سبتمبر/أيلول 2021، وثقت منظمة العفو الدولية قائمة بالانتهاكات المروّعة التي ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق 66 لاجئًا سوريًا عائدًا، من بينهم 13 طفلًا. وكان معظم هؤلاء الأطفال مُعادون من لبنان، بمن فيهم اثنان سبق أن تمَّ ترحيلهم.
وأخضع ضباط المخابرات السورية النساء والأطفال والرجال العائدين إلى سوريا للاحتجاز غير القانوني أو التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي، والاختفاء القسري. وكانت هذه الانتهاكات نتيجة مباشرة لانتمائهم المتصور إلى المعارضة السياسية السورية، وذلك ببساطة بسبب وضعهم كلاجئين.