قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات الجزائرية أن تفرج فورًا ومن دون قيد أو شرط عما لا يقل عن 266 ناشطًا ومحتجًا سُجنوا بسبب مشاركتهم في مظاهرات الحراك الاحتجاجية، أو انتقادهم للسلطات، أو إدانتهم لفساد الدولة، أو تعبيرهم عن تضامنهم مع المعتقلين، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه الجزائر للاحتفال بمرور 60 عامًا على استقلالها في 5 جويلية/تموز.
وفي ماي/أيار 2022، أفادت هيئات رقابية محلية بأن ما لا يقل عن 266 ناشطًا ومتظاهرًا يقبعون في السجون الجزائرية لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع. ويتعين على السلطات أن تسقط على وجه السرعة جميع التهم الموجهة إليهم.
يجب وضع حد للاحتجاز غير المبرر للنشطاء والمتظاهرين. ومن المخجل أن تواصل السلطات الجزائرية استخدام قوانين قمعية فضفاضة للغاية لمقاضاة الأفراد لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع.
آمنة القلالي، منظمة العفو الدولية
ويُحتجز العديد من المتظاهرين رهن الحبس الاحتياطي لفترات طويلة جدًا من الزمن. فيما حُكم على آخرين بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات بتهم فضفاضة وملفقة مثل “المساس” بالأمن أو المصلحة الوطنية، و”المساس بالوحدة الوطنية”، و”إهانة” موظف عمومي و”التحريض” على التجمهر غير المسلح ونشر أخبار زائفة والإرهاب.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “بعد مرور ستين عامًا على افتكاك الجزائر للاستقلالها، لا تزال الحريات الأساسية وحقوق الإنسان تتعرّض للتجاهل أو الانتهاك أو التقويض عمدًا”.
“يجب وضع حد للاحتجاز غير المبرر للنشطاء والمتظاهرين. ومن المخجل أن تواصل السلطات الجزائرية استخدام قوانين قمعية فضفاضة للغاية لمقاضاة الأفراد لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع”.
في 24 أفريل/نيسان 2022، توفي حكيم دبازي، وهو من معتقلي الحراك، في الحجز في ظروف غامضة. وكان دبازي (55 عامًا) أبًا لثلاثة أطفال، ووُضع رهن الحبس الاحتياطي منذ ففري/شباط 2022 بعد مشاركته منشورًا على فيسبوك من صفحة أخرى دعا فيه إلى التظاهر للاحتفال بالذكرى السنوية الثالثة لانطلاق الحراك. وقد حوكم بتهمة “التحريض على التجمهر غير المسلح” و”الإساءة إلى موظفين عموميين” ونشر محتوى قد “يضر بالمصلحة الوطنية”. ورفضت المحكمة طلبًا بالإفراج المؤقت عنه من محاميه، لكنها لم تقدم أي تفسير للرفض.
وأخبرت زكية صادق، خالة دبازي ومحاميته، منظمة العفو الدولية أنه أبلغ زوجته أثناء زيارة قام بها في أفريل/نيسان بأنه يعاني من آلام في الصدر وصعوبات في التنفس. وقال أيضًا إنه محتجز في غرفة صغيرة مليئة بالدخان وتفتقر إلى التهوئة. وبعد شهر تقريبًا من وفاة دبازي، قال وزير العدل الجزائري، مستشهدًا بتقرير تشريح الجثة، إنه توفي لأسباب طبيعية.
ومن بين جميع الحالات التي وثقتها منظمة العفو الدولية، واجه ما لا يقل عن أربعة محتجزين محاكمات إضافية أثناء وجودهم في السجن بتهم تتعلق بالتعبير عن انتقاد الدولة سواء عبر الإنترنت أو خارجه. ففي 8 جوان/حزيران 2020، ألقي القبض على الناشط البيئي محاد قاسمي وحُكم عليه لاحقاً بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب منشور على فيسبوك اعتبرته السلطات “إشادة بالإرهاب”. وأثناء وجوده في السجن، حوكم بتهم إضافية تتعلق بمشاركته في النشاط البيئي في الخارج والتواصل مع النشطاء عبر الإنترنت. وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات إضافية.
كما حُكم على الصحفي والمدون مرزوق تواتي بالسجن لمدة إضافية بينما كان يقضي عقوبته الأولى لمدة سنة بتهمة “التحريض على تجمع غير مسلح” ونشر محتوى “يقوّض الوحدة الوطنية”. وفي 29 ماي/أيار 2022، حُكم عليه بالسجن لمدة عام آخر وغرامة قدرها 350 دولار أمريكي في قضية منفصلة بنفس التهم. وفي نهاية المطاف، أُفرج عن تواتي في 20 جوان/حزيران بعد عفو رئاسي، ولم يتم إسقاط التهم الموجهة إليه. وحُكم عليه بالسجن لمدة عام آخر وغرامة قدرها 342 دولار في 28 جوان/حزيران 2022. والحكم الأخير هو الرابع ضده في عام 2022.
بعد توقف حركة الحراك الاحتجاجية بسبب جائحة فيروس كوفيد-19 في عام 2020، صعّدت السلطات الجزائرية من قمعها للمعارضة السلمية. وبينما لم يقتصر القمع المتزايد لمنتقدي الدولة على الجزائريين داخل البلاد، استهدف أيضًا العديد من الأفراد المقيمين في الخارج أو الذين يلتمسون اللجوء.
وفي وقت سابق من هذا العام، اختُطف لاجئ واحد في تونس قبل إعادته قسرًا إلى الجزائر ومحاكمته بنحو 10 تهم على الأقل، بما في ذلك “المشاركة في منظمة إرهابية” بسبب صلاته المزعومة بحركة تقرير المصير في منطقة القبائل.
كما تم ترحيل اثنين على الأقل من طالبي اللجوء بسبب صلتهما المزعومة بمنظمات غير مرخصة، في حين تم اعتقال أو استجواب ما لا يقل عن ثلاثة من حاملي الجنسية المزدوجة المقيمين في كندا تعسفًا عند وصولهم إلى الجزائر، ثم مُنعوا من مغادرة البلاد لعدة أسابيع أو أشهر.