قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات التونسية إجراء تحقيقات فورية وشاملة في ملابسات اختطاف سليمان بوحفص، الناشط الجزائري الذي يحمل صفة لاجئ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس، واختفائه القسري وإعادته القسرية إلى الجزائر. فبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب على تونس حماية اللاجئين وعدم طردهم أو إعادتهم إلى بلد يواجهون فيه الاضطهاد.
وتطالب المنظمة السلطات الجزائرية بإطلاق سراحه فوراً والسماح له بمغادرة الجزائر. وكان قد سبق أن تعرض للسجن في الجزائر لممارسته حقه المشروع في حرية التعبير، في تعليقات له نُشرت على فيسبوك، واعتبرت مسيئة للإسلام. وتعتقد أسرته أنه معرض لخطر جسيم لسوء المعاملة في السجون الجزائرية حيث سبق أن تعرض للمعاملة السيئة.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “بعد أن واجه سليمان بوحفص عامين من السجن الجائر في الجزائر، ذهب إلى تونس بحثاً عن الأمن والأمان، ولكنه يبدو أنه لم يكن بعيداً بما يكفي عن أيدي الحكومة الجزائرية”.
“وتشارك الحكومة التونسية المسؤولية عن مصيره، وينبغي أن تكشف عن دورها في اختطافه وإعادته إلى الجزائر. فعملية ترحيله تصل إلى حد الإعادة القسرية وهي سابقة تبعث عن القلق البالغ بالنسبة لتونس. وبموجب القانون الدولي، لا ينبغي إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر جسيم بالتعرّض للاضطهاد أو انتهاكات حقوق الإنسان”.
وسليمان بوحفص، الذي اعتنق المسيحية، حُكم عليه في 6 سبتمبر/أيلول 2016 بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة “الإساءة إلى الرسول” و”الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام” بموجب
المادة 144 مكرر 2 من قانون العقوبات الجزائري، بشأن تعليقات على فيسبوك تسيء إلى الإسلام والنبي محمد. وقد مُنع من الاتصال بمحامٍ طوال محاكمته الأولية، ولم يتمكن من الاستعانة بمحام إلا أثناء محاكمة الاستئناف. وقد أمضى سليمان بوحفص قرابة عامين في السجن، وأطلق سراحه في 2018 بعد عفو رئاسي. وذهب إلى تونس، واعترفت به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كلاجئ في 2020.
وأخبر أحد أفراد عائلته، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من تعرضه للانتقام، منظمة العفو الدولية أن سليمان بوحفص قد اختُطف في حي التحرير، حيث يعيش، في 25 أوت/ آب الساعة الواحدة بعد الظهر، وشاهد الجيران ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية يغادرون في سيارة سوداء متوقفة أمام منزله،
وأضاف قائلاً: “بقي سائق السيارة في الداخل، بينما ذهب ثلاثة آخرون إلى شقته وأجبروه على الخروج. وكان أحدهم يحمل حقيبة يبدو أنها تحتوي على متعلقات بوحفص، ثم غادروا. وتوجه الجيران على الفور الى الشرطة وأدلوا بشهاداتهم”.
ولمدة أربعة أيام، لم تكن الأسرة تعرف مكان وجوده وخشيت من اختفائه قسرياً على أيدي السلطات الجزائرية، أو التونسية، أو الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. وفي 29 أوت/آب، علمت عائلته من خلال مصادر غير رسمية أنه محتجز في أحد مراكز الشرطة في الجزائر العاصمة. وفي 1 سبتمبر/أيلول، مثل أمام قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة، وأودع السجن استناداً إلى ستة تهم لم يتم التصريح بها.
ولم تدل أي من السلطات التونسية أو الجزائرية بأي تصريح بشأن سليمان بوحفص، ولم توضح ما إذا كان قد تم طرده أو تسليمه إلى الجزائر بناءً على طلب من الحكومة الجزائرية.
وفي رد رسمي، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها “تشعر بقلق بالغ إزاء الأنباء التي تفيد بالطرد القسري للاجئ معترف به من قبل المفوضية في تونس إلى بلده الأصلي”، مضيفة أن المنظمة كانت تتابع هذه الأنباء، وتسعى إلى التحقق من هذه الادعاءات من قبل السلطات.
إن إدراك تونس المحتمل لنقله قسراً إلى الجزائر، أو تعاونها معها أو قبولها الضمني به، على الرغم من وضعه كلاجئ، إنما يشكل انتهاكاً جسيماً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، والقانون الدولي للاجئين. اعتراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوضع اللاجئ لسليمان بوحفص ينطوي على استنتاج أن لديه خوف مبرر من الاضطهاد عند عودته إلى الجزائر.
وبالإضافة إلى ذلك، تحظر اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تعد تونس طرفاً فيها، صراحةً تسليم الأفراد إلى دول توجد فيها أسباب جوهرية بأنهم قد يواجهون خطر التعرض للتعذيب.
وبموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن تونس ملزمة أيضاً بحماية الحق في الحياة للأفراد داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية، بما في ذلك عن طريق توفير الحماية اللازمة للمعرضين للخطر بشكل خاص، مثل اللاجئين؛ ومن خلال الاستجابة بسرعة وفعالية عندما يتعرض الأفراد لتهديد معين، وكذلك التحقيق بشكل صحيح في التهديدات التي تهدد حياتهم.
وعلى الرغم من أن التهم الموجهة إليه لا تزال غير معروفة في الوقت الحالي، فإن وسائل الإعلام الجزائرية استشهدت بمسؤولين، لم تذكر اسماءهم، يؤكدون أنه يجري التحقيق معه بسبب عضويته المفترضة في “الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل”، التي صنفتها السلطات الجزائرية مؤخراً على أنها جماعة إرهابية.
ومنذ أفريل/نيسان 2021، لجأت السلطات الجزائرية بشكل متزايد إلى استخدام تهم فضفاضة للغاية مثل “الإرهاب” أو “التآمر على الدولة” لمقاضاة المدافعين عن حقوق الإنسان، ونشطاء الحراك. في 18 ماي/أيار، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو هيئة استشارية مسؤولة عن تقديم المشورة لرئيس الجمهورية بشأن القضايا الأمنية، أن حركة المعارضة السياسية “رشاد” وحركة تقرير المصير في منطقة القبائل، صُنّفتا بـ “كيانات إرهابية.” وفي جوان/حزيران، تم تعديل قانون العقوبات لتوسيع تعريف الإرهاب ليشمل “محاولة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية”. وفي 18 أوت/آب، قرر المجلس الأعلى للأمن القومي، برئاسة الرئيس تبون، اعتقال جميع أعضاء الحركتين، الذين تتهمهم السلطات بالتورط في حرائق منطقة القبائل التي أودت بحياة عشرات الأشخاص، حتى “استئصالهم جميعاً”.
واختتمت آمنة القلالي قائلة: “يجب على السلطات الجزائرية إطلاق سراح سليمان بوحفص فوراً والحرص على عدم تعرضه لأي معاملة سيئة في السجن. ولا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف إعادة لاجئ معترف به إلى المكان الذي فر منه”.