تونس: ضعوا حداً للملاحقة القضائية لمدونين بسبب انتقادهما السياسة الحكومية في التصدي لتفشي وباء كوفيد-19

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات التونسية أن تضع حداً فورياً لمحاكمة اثنين من المدونين لتجرئهما على انتقاد نهج الحكومة في التعامل مع تفشي وباء كوفيد-19.

في الأسبوع الماضي، احتجز مدونان ويواجهان عدة تهم جنائية تتعلق بـ”هضم جانب موظف عمومي”، و”إحداث الهرج والتشويش”، والتشهير. ووجهت إليهما هذه التهم بسبب بث مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي أن الحكومة قد تقاعست عن تقديم تعويض مناسب للأشخاص الذين يعانون من الناحية المالية، ومعالجة النقص في الإمدادات الغذائية الأساسية في السوق، وسط تفشي وباء كوفيد-19.

بالنسبة للمنطقة، فإن تونس تتمتع بدرجة عالية نسبياً من الحرية السياسية. وبالرغم من ذلك، فقد شهد العامان الماضيان عدداً من المحاكمات الجنائية المتعلقة بحرية التعبير- استخدم الكثير منها قوانين عفا عليها الزمن من عهد الرئيس المخلوع بن علي لمحاكمة المنتقدين بتهمة التشهير وإهانة المسؤولين العموميين والمؤسسات الحكومية.

الأمر الذي لا ينبغي أن تفعله السلطات التونسية في خضم تفشي الوباء هو اعتقال أو مقاضاة الأشخاص الذين ينتقدون نهج الدولة في التصدي لتفشي وباء فيروس كوفيد-19. إن التدفق الحر للمعلومات وثقة الجمهور أمران مهمان بشكل خاص في هذا الوقت. ويجب إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين بسبب التعبير عن آرائهم فوراً ودون قيد أو شروط.

آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية:

“فهذه المحاكمات تبعث برسالة خاطئة في الوقت الحالي، وتشكل انتكاسة كبيرة لحرية التعبير في البلاد. إن التشكيك في الإجراءات الحكومية، وانتقاد العيوب وأوجه القصور في التصدي للوباء ليست جرائم يُعاقب عليها”.

ففي 13 أفريل/نيسان، نشر المدون أنيس مبروكي مقطع فيديو على صفحته على فيسبوك يظهر تجمهرا أمام مبنى مكتب المعتمد المغلق في طبربة (مدينة تبعد 30 كم عن العاصمة تونس)، مطالبين بالحصول على المساعدة المالية التي وعدت بها الحكومة وسط عملية الإغلاق الشامل بسبب تفشي وباء كوفيد-19. وفي اليوم التالي تلقى رسالة استدعاء من السلطات بعد أن اشتكى به معتمد المدينة.

ووفقاً لمحاميه، محمد علي بوشيبة، الذي كان حاضراً معه في المحكمة، مثل أنيس أمام النيابة في 15 أفريل/نيسان، واتُهم بـ”إحداث ضجيج او ضوضاء من شانها تعطيل صفو النظام العام ” بتهمة “نسبة لموظف عمومي أمورا غير قانونية متعلقة بوظيفته دون أن يدلي بما يثبت صحة ذلك” بموجب الفصلين 316 و 128 على التوالي من المجلة الجزائية.

رفضت غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية بمنوبة طلباً من محاميه بالإفراج عنه بانتظار محاكمته، وحددت 30 أفريل/نيسان لعقد جلسة الاستماع التالية.

وفي 12 أفريل/نيسان، بثت مدوّنة وناشطة سياسية أخرى، وهي هاجر عوادي، مقطع فيديو على صفحتها على فيسبوك، حيث تحدثت عن توثيقها للفساد الحكومي، وسوء توزيع المواد الغذائية الأساسية في منطقتها، بمدينة الكاف، في شمال غرب تونس. وتدعي في شريط الفيديو أيضاً أن الشرطة المحلية اعتدت عليها، وهددتها بالاعتقال هي وخالها عندما ذهبا لتقديم شكوى ضد الفساد.

وبعد ساعة من بث الفيديو، أُلقي القبض على هاجر عوادي وخالها، وفقاً لمحاميها، الذي كان حاضراً أثناء استجوابها من قبل الشرطة. وفي اليوم التالي، مثل الاثنان أمام وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية في مدينة الكاف، والذي اتهمهما بـ”هضم جانب موظف عمومي” بموجب الفصل 125 من المجلة الجزائية و” إحداث ضجيج أو ضوضاء من شانها تعطيل صفو النظام العام ” بموجب الفصل 316 من المجلة الجزائية. ويواجهان عقوبة السجن تصل إلى مدة سنة في السجن ودفع غرامة.

واختتمت آمنة قلالي قائلة: “ينبغي على السلطات التونسية العمل على خفض عدد المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي لمجرد التعبير عن آرائهم، والحد من خطر التعرض للإصابة بفيروس كوفيد-19 بقدر الإمكان. كما ينبغي أن تكون قضية هذين المدونين بمثابة تذكير واضح بالحاجة الملحة إلى إصلاح القوانين القديمة التي تسمح بملاحقة الناس جنائياً بسبب حرية التعبير”.

خلفية

قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق اتجاه متنام لمحاكمات المدونين والصحفيين والناشطين، التي تستخدم التشريعات التي تعاقب على التعبير السلمي، ولا سيما الخطاب الذي يعتبر مسيئًا أو تشهيرياً، ليس تجاه الأفراد فحسب، بل أيضاً تجاه مؤسسات الدولة، والخطاب الذي يعتبر أمرأ من شأنه الإخلال بالنظام العام أو الأخلاق.

ويكفل دستور تونس لعام 2014 حرية التعبير بموجب الفصل 31.  وتونس من الدول الأطراف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الذي يكفل أيضاً الحق في حرية التعبير.